في حارتنا شاب في الــ 30 من عمره تقريباً
ابتلاه الله تعالى بمرض نفسي شديد
فهو أشبه بالمجنون أو قولوا مجنون
يزورني بين الفينة والأخرى
مرة يتزين بأجمل ما عنده من الثياب
ومرة يأتي بالملابس الداخلية
ويجيء في كل زيارة بهدية
بسكويت
بـيبـسي
حليــب
أحببته كثيراً لشيئين اثنين
1/ هداياه وعطاياه
2/ حواراته الجميلة التي كان يناقشها .
كان يطرح علي أسئلة كثيرة منها
كيف أحب ربي ؟
كيف أعرف أن ربي يحبني؟
كيف أنصر الله ؟
ما الكتب التي تهتم بشرح لا إله إلا الله ؟
أسئلة لم أسمع بها في حياتي!!
قد تقولون لي هذا الرجل ليس مريضاً
أجيبكم
الشاب يعرفه القاصي والداني
إذا مشى وحده كلم نفسه بصوت عاااااااال
ويضحك ويتقهقه كالطفل
يجلس مع القطط ويتكلم معها .
لكنه في الصلاة أفضل من العقلاء
يطمئن في الركوع والسجود
يأتي إلى المسجد أولاً
يقرأ القرآن
قابلته يوم أمس وأنا في طريقي إلى المسجد
وهو ذاهب إلى مسجد آخر
فقال لي :
إسمع
إذا جيت تنام
اذكر الله
وسبح
وادع الله يصحيك قبل الفجر عشان تصلي القيام
قلت له : جزاك الله خيراً على هذه النصيحة
ترى أنا مستعجل أي خدمة
قال : لا شكراً
ابتعدت عنه ما يقارب 10 أمتار
ناداني
إسمع
قلت : نعم
قال : اذكر الله الآن وأنت في الطريق
يااااااااااااااااااااااااااه
نصيحة لم أسمعها يوماً من العقلاء الأصحاء
أسمعها اليوم من شاب مريض أشبه بالمجنون؟
ذكرتني هذه النصيحة بالخليفة أبي جعفر المنصور حين رأى المجنون بهلول
فأمر حراسه أن يأتوا به إلى باب القصر فلما وقف بين يديه
قال له الخليفة:
عظني يا بهلول
قال بهلول :
هذه قصورهم . .
وتلك قبورهم . .
فأجهش الخليفة بالبكاء
وذكرتني هذه النصيحة بتلك الحكمة القائلة
. . خذوا الحكمة من أفواه المجانين . .
تمنيت أن أهل الحي كلهم مجانين
والله لقد رأيت في هذا الشاب من الكرم والطيبة
وحسن الجوار ما لم أره من بعض العقلاء في الحي
أسأل الله أن يشفيه ويعافيه
وأن يديم علينا النعم ظاهرة وباطنة