بسم الله الرحمن الرحيم ..
قبل سنتين تقريبا من الآن قدر الله لي بحادثة زرعت في نفسي أثراً عظيما لا أزال إلى اليوم أتلمس معانيها ..
هذا الحدث لم أخبر به أحدا غير شخص أو اثنين فقط. اليوم فقط قررت البوح به للفائدة ..
كنت متجها بسيارتي إلى أحد المراكز المتخصصة في طب الأسنان لمراجعة الطبيب المشرف على تركيب التقويم لأسناني،
كان ذلك صباحا على ما أذكر وكنت أقود السيارة مسرعا قليلا لكوني حريصا جدا على عدم التأخر عن الموعد الذي حددته مع الطبيب،
خاصة وأن الطبيب لم يكن مسلما.وقد كنت دائما أحرص على أن أظهر له بتعاملي سماحة ومبادئ الدين العظيم الذي أحمل.
ها قد اقتربت .. لم يكن بيني وبين مبنى المركز أبعد من ٣٠٠ م .. كنت أرى المبنى بعين وألمح بالأخرى الساعة التي تشير إلى الاقتراب جدا
من موعد الزيارة .. كانت هناك سيارة أمامي وكنا في بداية منعطف قليل الميلان .. وبحماسة ورغبة مني في الوصول في الوقت المناسب قررت تجاوزالسيارة أمامي
سبحان الله ،. وكأني ارى المشهد كما كان تماما .. بمجرد أن بدأت سيارتي تجاوز السيارة الأخرى فقدت السيطرة عليها .. ولم أستطع فعل شيء.
كنت أتجه نحو الرصيف الأيمن بسرعة كبيرة، أحرك المقود يسرة لا فائدة .. المكابح ما زادت الامر إلا سوءا .. السيارة كانت تنزلق على الطريق بسرعة، والصوت يغذي الموقف رهبة. شعور نفسي غريب راودني وقتها .. هل ستنقلب السيارة؟! ثم ماذا؟ .. ماذا عساي أفعل .. أتشهد؟ .. وفي غمرة هذا الشعور .. تنحرف السيارة إلى الجانب الأيسر من الطريق بعيدا عن
الرصيف الأيمن لتتجه نحو الرصيف الأيسر الذي كان بدوره أقل ارتفاعا من الأول ولله الحمد .. ثم بدأت بالانزلاق بطريقة معاكسة ..
لحظات من اللا إدراك ثم توقفت السيارة ..
الحمد لله أنا بخير لم يصبني مكروه ولا حتى جرح صغير ..
ما الذي حدث ؟ ..
وجدت أن السيارة معامدة تماما للطريق (٩٠ درجة مئوية)
خلفية السيارة فوق الرصيف والمقدمة في الطريق ..
لم يكن يفصل بين السيارة وعمود الإنارة إلا أقل من قدم.
لم يوقف انزلاق خلفية السيارة فوق الرصيف ونحو العمود (بعد أن انزلقت حوالي متر ونصف على اقل تقدير) إلاوقوع الإطارين الخلفيين في حفرة أعدت لزراعة شجرة تزين الطريق (ولله الحمد لم تكن قد زُرعت بعد في هذه الحفرة بالتحديد والا لكنت قد صُلبت بها).
أنظر يمنة إذا بالسيارات المسرعة تتجه نحوي في الطريق ..
هنا يأتي الحدث الذي أردت الحديث عنه ..
وأنا في رهبة الموقف إذا بسيارة (من نوع لاند كروزر على ما أذكر) تقف في منتصف الطريق بجانبي متجاهلة تنبيهات السيارات من خلفها
ليحدثني صاحبها ويقول (ما اتخفش .. كل حاجة تمام .. خد الميه دي واشربها واتكل على الله .. انت بخير ) وأعطاني قارورة ماء ممتلئ نصفها
وغادر بابتسامة رائعة كنت بأشد الحاجة لرؤيتها في ذلك الوقت .. أنا لم أتلفظ بكلمة ولا حتى بكلمة شكرا ولا أذكر أني رددت السلام ،،
فيا الله ما أعظمك أيها القدير .. بكلماته تلك عدت لرشدي، استوعبت الموقف واطمأننت أيما اطمئنان .. ركبت السيارة واتجهت نحو المركز
حامدا الله على لطفه ومنه وكرمه ..
أخوتي .. لا يصعب على أي منا طمأنة شخص هو في أشد الحاجة لذلك
خرجتَ من امتحان وكان أحد زملائك أو حتى من لا تعرف يظهر عليه أثر القلق والخوف وعدم الاطمئنان .. ما أجمل أن تواسيه بكلمة وابتسامة
رأيت شخصا ابتلي ببلوى وحاله مضطربة .. اعلم أن طمأنتك له تعني له الكثير جدا.. حتى وإن لم يعرك اهتماما (وقتها).
إلى يومنا هذا أذكر فضل الله علي أولا وهو من أنجاني من تلك الحادثة
ثم ذلك الشخص العظيم الذي لا أملك إلا أن أدعو له بالنجاح والتوفيق والسداد والثبات على الحق
وأن يجمعني الله به في فردوسه الأعلى .. اللهم يا حي ياقيوم سهل أمره وبارك له في رزقه واقبضه إليك وأنت راض عنه غير غضبان ..
فلك مني يا من لا تربطني بك أي معرفة سابقة كل معاني الود والمحبة .،