من شاهد السيد جورج غالاوي، النائب السابق في مجلس العموم البريطاني، يوم الثلاثاء 22 كانون الأول/دسيمبر الماضي، وهو يقول بصوتٍ عال 'أبناء غزة ليسوا بحاجة إلى هذه المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية، وما يحتاجونه أن نعمل جميعاً لإنهاء الحصار على غزة'. يوقن بأننا نحن العرب لم نفعل شيئاً لأهلنا في غزة. في مقابلة خاصة مع قناة 'الجزيرة مباشر'، من العاصمة الأردنية عمان، عقب وصول قافلته (سفينة شريان الحياة)، التي ترأسها السيد جورج، بصحبة 499 شخصاً وناشطاً سياسياً وبرلمانياً أوروبياً، وعلى متنها 200 شاحنة ومئات مواد الإغاثة الطبية، وبعض المواد الغذائية الضرورية، لإدخالها إلى قطاع غزة، وكسر الحصار المفروض على مليون ونصف المليون إنسان فلسطيني هناك. قافلة شريان الحياة تلك كانت قد قدمت من أوروبا إلى تركيا، ثم إلى سورية والأردن عبر ميناء العقبة، ويوم 23 كانون الأول/ديسمبر المنصرم،
وصلت إلى القاهرة محطتها الأخيرة، وكان من المفترض أن تصل غزة الخميس الماضي 24 كانون الأول/ديسمبر 2009، عبر ميناء نويبع المصري، لكن الحكومة المصرية،لم تسمح بعبورها، عبر الميناء ذاته (نويبع)، وبحجة احترام الأمن الوطني المصري والسيادة المصرية، الذي لا ندري ماذا ستسبب تلك السفينة من خرق وانتهاك للأمن الوطني المصري والسيادة المصرية، وهي تحمل مساعدات انسانية غذائية وطبية لمليون ونصف المليون إنسان فلسطيني مجوع ومحاصر؟!، وقالت حكومة مبارك يجب عبورها أي سفينة شريان الحياة من ميناء العريش المصري، أي تعود من ميناء العقبة في الأردن إلى سورية ثم إلى ميناء العريش، وهي تعرف أن ذلك يسبب مشقة عالية، ووقت أطول، سواء لقبطان القافلة أو قادتها الأوروبيين والأتراك وعلى رأسهم السيد جورج غالاوي. نعم نحن العرب لم نفعل شيئاً مقارنة بما فعله السيد جورج غالاوي وزملاؤه الأوروبيون، فقد قاد قوافل وسفن عدة، خلال السنوات والأشهر الماضية لكسر الحصار على غزة، وكان آخرها سفينة احتجزتها الحكومة المصرية على ميناء نويبع المصري، ولم تجعلها تعبر إلى غزة، إلا بعد مرور شهر كامل، على رسوها على الميناء ذاته. نعم نحن العرب خذلنا غزة، التي تدافع وتخوض حروباً نيابة عن كرامة الأمة العربية الإسلامية بأسرها، وتحافظ على ثوابتها، وبأمعاء أبنائها الخاوية، وأسودها الغزاويين الأبطال. نعم أنظمتنا العربية الرسمية، قبل الغربية خذلت غزة، وعلى رأسها النظام المصري، عندما سمحت لإسرائيل مواصلة حصارها وبعنصرية حاقدة.
السيد غالاوي ليس عربياً، بل نحمد الله أنه بريطاني، و إلا كان سيعتقل لدى السلطات الأردنية أو المصرية، وكان سيحاسب لوقوفه مع المحاصرين المجوعين في غزة. مثلما حاسبت الحكومة المصرية، وهيئة الاتحاد المصري لكرة القدم، لاعب النادي الأهلي المصري محمد أبو تريكه، بإيقافه عدة مباريات شارك بها فريقه، عقاباً له على خلع 'فانيلته' أو رفعها لتظهر أخرى داخلية، كان يرتديها مكتوب عليها عبارة تضامن مع غزة بالعربية والإنكليزية.
ربما لا نشك أبداً في صدق تحركات ومواقف السيد جورج غالاوي وزملائه الأوروبيين البرلمانيين والنشطاء السياسيين، النبيلة والواقفة مع عدالة القضية الفلسطينية، ومع فك الحصار الظالم على غزة. فقد قال السيد جورج لقناة 'الجزيرة' ولقنوات أخرى عند وصول قافلته شريان الحياة : 'قبل أسبوعين تمكنا في بريطانيا من إصدار مذكرة توقيف من قضائنا البريطاني، بحق مجرمة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني'.
أثبتَ السيد غالاوي أنه وزملاءه الأوربيين أكثر عروبة من الرئيس المصري حسني مبارك، أو غيره من القادة العرب، الذين يشاركون إسرائيل حصارها لمليون ونصف المليون غزاوي فلسطيني في غزة، ومحاولة خنقهم بشتى الوسائل.
فمن العار أن يطلق السيد غالاوي نداءً ورجاءً عاجلاً، إلى الرئيس المصري حسني مبارك، ويناديه بـ أيها الرئيس المحترم مبارك، أرجوكَ أن لا توقف سفينتنا ، من الأردن مساء الثلاثاء 22 كانون الأول/ديسمبر المنصرم، عقب وصول سفينة 'شريان الحياة' إلى ميناء العقبة قادمة من سورية؛ وأضاف 'ها نحن في بلاط صاحب الجلالة (المملكة الأردنية الهاشمية)، ولا عمل لدينا ولا عودة لنا، إلا عقب السماح لقافلتنا شريان الحياة بالعبور عبر ميناء نويبع المصري، إلى شاطىء غزة'.
لكننا نشك في أن يستجيب الرئيس مبارك لنداء السيد جورج، وإن فعل مثلما حدث ذلك مع قافلة وسفينة سابقة قادها غالاوي وأفترش هو وزملاؤه الأرض، لمدة شهر حتى سمحت حكومة مبارك بعبورها من ميناء نويبع المصري؛ فإن ذلك لا يعني عدم مشاركته في خنق وحصار أهلنا في قطاع غزة، لأن من يأمر ببناء جدار فولاذي حديدي، بعمق 18 متراً على حدود أراضيه المصرية مع قطاع غزة، بصفائح فولاذية أمريكية لا تخترقها القنابل، لإغلاق الحدود ومنع التهريب، التي تعتبر المتنفس الوحيد، وشريان البقاء لمليون ونصف المليون إنسان فلسطيني عالق ومخنوق، في مساحة 180 ميلاً مربعا في غزة. بحجة حماية الأمن المصري، الذي يطبق وينفذ الإملاءات الإسرائيلية للدولة العبرية، للأسف الشديد، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون نواياه حسنة وطيبة تجاه أوضاعهم أبداً، أي النظام المصري تجاه سكان غزة.