(ا)
في الحدث أكثر من مشهد...في المشهد أكثر من حكاية... في الحكاية أكثر من قصة، وفي القصة أكثر من قصعة زيت تضيء قناديل الأسوار، وعلى السور يقرأ الحَكّاء ما تيسر من رواية.
(ل)
ما يقارب العام ونحن نحث الخطى خلف الإياب ونستعجل الغائب عنا ونستعجل الحاضر منا... ونستجدي الآتي كي يمضي أكثر إلى أفق الدانات ... لنرى عصفور المساء يحمل كستناء الشتاء والجمر بارد ... أقل من حول وأكثر من أمنية وما زلنا نرى ما تبقى من الحمام يطّاير بحناء الأرض وبمسكه القاني الذي تخمّر في قيعان قيعان الأرض التي حرّثتها أنامل (عماليق) مرّوا فكانت (يبوس) تنشر ظلها على السماء ... والمطر يحبس أنفاسه كما الغيمة شاردة عن مسارها...تتهجّى السبيل... والسبيل يلمع كلما أشرقت من عين الشمس حدقة المشتهى لترى قبة تحمل قطر الندى المتسربل من "حمأ مسنون" بالحيرة وبالسؤال والدمع حارق...والوقت ناره تستعر والوقت يأكل بعضه إن لم يجد ساعة الخلاص..
(ق)
للحدث حكاية ...والحكاية رجموها بالعبارات وبالغناء والحداء وهزّ البطون وتحانين الوداع ... و قُلْ هي القدس..!، والبياض حكاية الصوت المذبوح على المصاطب والصوت المشبوح على أغصان زيتون هرمت عليها الوعود...وذبلت حبّات القطاف المنسية على قمتها ... واليد قصيرة ... والعين لا تبصر حين تلمع عين السماء على قباب المساء.
(د)
كم كتبوها وكم كتبنا وكم من حكاية مضينا نسعى خلفها... كم من تعب أدرج على يومياتنا ،،، حين كنا نحلم أن الحكاية عندما نؤثثها ستورق على أشجار العواصم كل صباح وتنام في سرير عشّاقها كل مساء وتعود على الأسوار طير الأبابيل لترصف لفيروز شوارعها العتيقة...وتغني..
" مرّيت بالشوارع ...شوراع القدس العتيقة"
يا فيروز.. الشوارع العتيقّة مخضّبة ومخصّبة والأنوف مزكومة لا تتنشق ولا تعرف تنشّق عبير الشوارع العتيقة، ورائحة التراب المتخّثر بجذر زيتونة تضرب من تلالها البعيدة لتشرب من شريان أسوارها ويرفع كأسه كلما ذاق طعمه العتيق الحلو المغمس بزيت الصبّار الشائك بعشقها، المغلف بأرجوان يخفق لونه كلما شهقت امرأة لتحط من أرجوانها صرخة تدق وشماً على أسوارها وترسم اسما على ظلها...
(س)
يا لتلك الأحلام الزيتونية من أمنيات... يا لتلك الزيتونة من نعاس يلمّها كلما ارتد الصوت على القبتين وحنّ الجرس بنشيده وطار الحمام يرّف على أضلع هدّها عرّي اللحم، والجلد الخشن المالح من عرق يبوس منذ أن قرأ تراتيل قدسيتها... يا لفيروز حُلمها... وللقدس رسالتها وحكايتها... وحالها تنام على أرفف أسوارها العتيقة ...و على بُحة صوتها... صوت سيدة الغناء إلى سيدة المدائن... وزهرتها الباقية.