في أعماقِ البحرِ السحيقِ حيثُ منبعِ الجمالِ، حيثُ اللؤلؤِ والمرجانِ ،
تعيشُ لؤلؤةٌ صغيرةٌ في كنف ِوالدِها يرعاها ويحميها مما قدْ يؤذيها..
عاشتِ اللؤلؤةُ عزيزةً مكرّمةً ومعهاصوَيحِباتِها يتلألأْنَ مثلَها في أصدافِهنّ مُدلّلاتٍ..
وبينما هُنَّ يمْرحْنَ ذاتَ نهارٍ رأَينَ شيئًا غريبًا يتسللُ إلى المياهِ.. اقتربْنَ منهُ قليلاً
فإذا هوَ شاشةٌ كبيرةٌ تَعْرِضُ لآلِئَ في أحضانِ مخملٍ بدتْ مناظِرُهاتسلُبُ اللّبَ..
وإذا بصوتٍ يُصاحِبُ الصّورةَ يقولُ:
منْ أهلِ الأرضِ إلى أعماقِالبحارِ
منَ الحريةِ والجمالِ إلى الظُلمةِ والاحتكارِ
هنا نقدِّرُ جمالَكم ونُهدي إليكُم حُرِّيتَكم
ونضمنُ لكم سعادتَكم
فقطْ اتّصِلوا على الرقمِالمجانيِّ (1111) والتواصلُ مجانًا
لحظاتُ صمتٍ وتفكُّرٍ بينَ اللؤلؤاتِ
وهنَّ يَرَينَ مثيلاتِهنَّ على الأرضِ يتقلّبنَ في هذا الجمالِ ..
وشيئًا فشيئًاتحوَّلَ الصمتُ إلى حديثِ همسٍ بينَ كلِّ اثْنتينِ ..
حتى صرختْ اللؤلؤةُ الصغيرةُ فجأةً: أريدُ أنأذهبَ إلى الأرضِ .
فصاحتْ بها صديقتُها : أنتِ لا زلتِ صغيرةً، وهذا خطرٌعليكِ..
اللؤلؤةُ الصغيرةُ : كلا، وأيُّ خطرٍ ؟ إنهُ جمالٌ ما بعدَهُ جمالٌ وحريةٌ ليستْ بعدَها حريةً ،،
ألا ترَينَ كيفَ أنّنا مرهوناتٍ بأصدافِنا لانستطيعُ الخروجَ منْها ؟
الصديقةُ : حبيبَتي، الصدفُ هوَ مَنْ حفظكِ ورعاكِ بعد الله ولكنْ لمْ يَحِنْ أوانُ القطافِ بعدُ..
انتظري حتى تكبُري .. فأهلُ الأرضِ يُزَيِّنونَ الصورةَ رغمَ واقعِهم المؤلمِ القبيحِ
أطرقتْ اللؤلؤةُ برأسِها والأفكارُتذهبُ بعقلِها وتجيءُ، ثمَّ أيقنَتْ أنَّ صاحِبَتَها لا تفهمُ في
التطوُّرِوالرُّقِيِّ، وأنَّ هذا شأنَها وحدَها..وصديقتُها تتابعُ حديثَها في حزنٍ وتعاطُفٍ : عزيزَتي ،
أنتِ هنا ملكةٌ معززةٌ الكلُّ يحافظُ عليكِ أما هناكَ فستتناقَلُكِ الأيدي حتى ترخصَ قيمتُكِ ،
المهمُّ أنَّهم يهتمّونَ بجمالِكِ، فإذاقدِمتِ باعوكِ بأبخسِ الأثمانِ ..
لمْ تقتنعِ اللؤلؤةُ بكلامِ صديقتِها ،فحزمتْ أمرَهاوقررتِ الرحيلَ بلهفةٍ للذهابِ إلى حيثُ التألُّقِ
وإبرازِ الجمالِ ..واتصلتْ على الرقمِ المجانيِّ :
مرحباً ، اللؤلؤةُ تتحدثُ معكُم، أريدُ التحررَوالجمالَ، وأريدُ .....
قاطعوها قائلينَ: أهلاً، أهلا سنأتيكِ على الفورِ،ستجدينَ لدينا كلَّ ما تتمنّين..
وفي لحظاتِ الوداعِ ، شعرتْ اللؤلؤةُ بِنَوعٍ منَ الألمِ لأنّها ستُفارقُ حدائقَ البحرِ التي ترعرعَت
فيها إلى حدائقَ أُخرى،ولكنَّ عزاءَها أنَّها تسعَى وراءَ الأرقَى والأكثرِ تحرُّراً..
أتَوا إليهامُسرعينَ _وفي دقائقَ_ أخذُوها ونهبُوا معها جمعًا من اللآلئِ الصديقَةِ ،
كانوايصرخُون لا يرغبُونَ، ولكنْ ما باليدِ حيلةٌ، إذْ يبدو أنَّ هذا نوعٌ منْ أنواعِ تطوُّرِ أهلِ الأرضِ..
وما إنْ خرجتْ وبدا بريقُها على سطحِ الماءِ , حتىاستقْبلتْها الأيادي بحرصٍ واهتمامٍ..
وعندما وصلُوا إلى المختبرِ ،أخذوااللؤلؤةَ الصغيرةَ ليُخرِجوها منَ الصَّدَفِ ، تألّمتْ وصرختْ ثمَّ
خرجتْ إلىالحرّيةِ بعدَ الألمِ ..ضحكتْ حينما رأتْ كلَّ الوجوهِ تنظرُ إليها بتعجُّبٍ وابتسامٍ ..
غرّتْهاالأمانيُّ .. أخذوها ودقُّوها بالمطارقِ حتى يُدخِلوابِها المسالكَ ،
أخذوا صديقاتِها معها ليضعُوها في عقدٍ لؤلؤيٍّ جذابٍ ..
باعوها في أرقى المحلاتِ ..
اشترتْها امرأةٌ ذاتُ جمالٍ ووضعتْ العقدَاللؤلؤيَّ في جيدِها،
ومرتْ الشهورُ لتشتريَ المرأةُ عِقداً آخرَ لؤلؤياًجميلاً .. فتركتِ العقدَ القديمَ في الخزانةِ ..
حزنتِ اللؤلؤةُ فهيَ لا زالتْ ترى نفسَهابذاكَ الجمالِ ، ومرّتْ الأيامُ وهيَ في خزانتِها لا ترى
النورَ ..حزنتْ حتى بهتَ جمالُها ..وصديقاتُها يصِحْنَ بها : أنتِ السببُ ، حرمتِنا من أكنافِ والدِينا
إلى حيثُ الضياعِ والظلامِ.. اللؤلؤةُ الصغيرةُ : ظننتُها حريةًوتطوراً وجمالاً !!
ثم فُتحتِ الخزانةِ .. وأُخذَ العقدُ إلى أحدِالمتاحفِ لعرضِ المقتنياتِ القديمةِ ..
وبقيَ العقدُ رخيصاً في عيونِ الناظرينَ،الكلُّ ينظرُ إليهِ ويمرِّرُ النظرَ إلى غيرِهِ..
اعتادتْ على ذلكَ .. واشتاقتْ العودةَ إلىالبحرِ حيثُ الكلُّ يشتاقُ إليها ويصارعُ لأجلِها..
لكنَّها أتتْهم رخيصةً فضاعَ الثمنُ ..هكذا انتهتْ قيمتُها , وضاعَ تألُّقُها , غرّتْها تلكَ الحضارةُ
الجوفاءُ التي لاتحمل بطياتهاإلا أنوارٍ خادعةٍ كاذبةٍ..
بهرتْها حريةً ساذجةً , هكذا أصبحتْ رخيصةً بعدَ أنْ ترَكَتْ المحارَ , ظنَّتْ أنَّهُ قيدٌ فعلِمتِ الآنَ أنَّهُ
صَونٌ لجمالِها واحتفاظٌ بقيمتِها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انتي بحجابك وحيائك كتلك اللؤلؤة في المحارة عالية الشأن غالية الثمن مهما تقدم الزمن
وتألقت الحضارات فلله درك وثبتنا الله وإياكـ على دينه ..